( 1 )
زوال إسرائيل
حتمية قرآنية
نبذة عن تاريخ حياة المؤلف
ولد في فلسطين
المحتلة في مدينة الخليل عام 1925م حيث نشأ وترعرع من أب لم يمنعه عمله في التجارة
من ممارسة النضال السياسي والجهاد الوطني ، مما جعله أن يكون في عداد المقربين من
الحاج أمين الحسيني زعيم فلسطين أنذاك ، وهكذا نشأ الشيخ المؤلف في بيت تربطه
بالسياسة روابط جهاد تاريخي عريق .
وصل إلى مصر ودرس في جامع الأزهر لمدة إثني عشر عاما ، نال خلالها الشهادة العالية
من كلية الشريعة في الأزهر ، وتخصص بعدها خلال عامين حصل فيهما على شهادة العالمية
مع الإجازة في القضاء الشرعي .
وفي عام 1950م عاد إلى موطنه حيث كانت النكبة الأولى قد حلت ونتج عنها تشرد أهل
فلسطين ، وهناك عين مدرسا في وزارة التربية والتعليم .
عام 1952م بدأ تأسيس حزب التحـرير ، فكان المؤلـف من المؤسسين الأوائل ، وفي نهاية
سنة 1954م قدم إستقالته من وزارة التربية والتعليم وتفرغ للعمل السياسي والحزبي ،
وترشح لعضوية مجلس النواب عن حزب التحرير ثلاث مرات ، وأعتقل في سجن الجفر سنة
1955م لمدة تسعة أشهر .
وفي سنة 1958م إنفصل عن حزب التحرير وعاد إلى سلك الوظيفة فعين مديرا لأوقاف القدس
ثم نقل مديرا لدار الأيتام الإسلامية الصناعية وأستمر في هذه الوظيفة حتى تسليم
القدس ، وقد كان في الوقت نفسه مدرسا في المسجد الأقصى ، وله درس مشهور بعد صلاة
الجمعة من كل أسبوع حيث كان يحذر فيه من تسليم بقية فلسطين والقدس ، ثم ما لبثت أن
وقعت الخيانة حيث أنه كان قد غادر قبل الخيانة بيوم في الرابع من حزيران 1967م إلى
بيروت لشراء كمية من الورق لمطبعة دار الأيتام . وبدأت مؤامرة التسليم يوم الخامس
من حزيران فتوجه إلى عمان في السادس من نفس الشهر مساء ، فإذ كل شيء قد انتهى ، فقد
سلمت القدس وبقية فلسطين . فأقام في حينها في عمان حيث عمل موظفا في وزارة الأوقاف
حيث كان يخطب الجمعة في المساجد ويشرح ويبين كيف تمت الخيـانة والتآمر مهاجما
الأوضاع السياسية في المنطقة ، وقد كلفه هذا الأمر أن منع من الخطابة عدة مرات ،
وبقي موظفا في وزارة الأوقاف حتى سنة 1980م حيث أحيل على التقاعد بعد خطبة عنيفة له
كانت بحضور بعض الوزراء والمسؤولين .
تفرغ بعدها للعمل الفكري والسياسي ، فأسس حركة الجهاد الإسلامي ، ولما بدأ
الاجتيـاح اليهودي للبنان ، ألقى الكثير من الخطب التي يحث فيها على التطـوع
والجهاد ، فكانت النتيجة أن أودع السجن حيث تعرض للضرب ، ثم قدم للمحكمة التي أمرت
بالإفراج عنه .
وبعد مجزرتيّ صبرا وشاتيلا التي قامت بها القوات اللبنانية بالتعاون مع جيش العدو
الإسرائيلي والتي ذهب ضحيتها المئات من النساء والأطفال والرجال ، ألقى خطبة مشهورة
لا تزال تسجل وتوزع حتى الآن هاجم فيها الحكام بأسمائهم في يوم عيد الأضحى المبارك
في جمع قدر بخمسين ألفا ، وقدم على إثرها للمحكمة العسكرية مع إبنه الدكتور نادر
بتهمة إلقائه خطبا عنيفة ، وقد حكم على الأب بالسجن لمدة ستة أشهر وعلى الإبن لمدة
سنة .
حيث فرضت عليه الاقامة الجبرية في عمان مكان سكنه ومنع من الخروج منها إلا بإذن
السلطات المختصة .
قام بتأليف كتاب قبل عام 1967م عنوانه ( أضواء كاشفة ) تنبأ فيه بنكبة عام 1967م
بعد أن تعرض بالنقد للأفكار العلمانية السائدة في المنطقة على إخلاف مذاهبها
وتياراتها ، وقد ختم هذا الكتاب بنداء للأمة يحذرها من الذي وقع ، وقد أتاح له الله
سبحانه وتعـالى الفرصـة أن يلقي هذا النـداء من الإذاعة في المسجد الأقصى يوم
الجمعة ، وله كتاب تحت الطبع بعنوان ( الغيب في المعركة والتغيير الكوني ) ، وله
كتاب أيضا لم ينشر بعد بعنوان ( الحقيقة كما عشتها ) . وللمؤلف الكثير من الخطب
والأحاديث المسجلة ، والتي تداول في كثير من المناطق .
بسم الله الرحمن
الرحيم
المقدمة
منذ أن أرسل الله
تعـالى ، محمدا صلى الله عليه وسلم ، بالهـدى ودين الحق ، ليظهره على الدين كله ،
بدأت عداوة يهود للنبي وللمسلمين . وكان يهود في المدينة يعرفون أن آخر الأنبياء قد
أطل زمانه ، وكانوا يتمنون أن يكون هذا النبي منهم ، فلما جاء من غيرهم (الله أعلم
حيث يجعل رسالته) [الأنعام :124]: تنكروا له وتآمروا عليه ، وحرضوا المشركين على
قتاله ، وحاولوا إغتياله مع أنهم يعرفونه (كما يعرفون أبناءهم) . وهكذا عادى يهود
المسلمين وتآمروا على الإسلام واستمر عداؤهم عبر التاريخ لم ينقطع ولم يتوقف .
وتحالفوا في هذا القرن مع القوى المعادية للإسلام كافة ، فكون الجميع جبهة واحدة
لتمزيق بلاد المسلمين وهدم كيانهم ، وإبعاد الإسلام عن التأثير في الحياة ، وتوجيه
المسلمين توجيها خاطئـا . فنجحـوا في ذلك وبلغـوا الـذروة في نجاحهم يوم هدمـوا
الدولة الإسلاميـة (العثمانية) فتسللوا إلى الأرض المباركة (الجزء الجنوبي الغربي
من ديار الشام) فلسطين ، وأقاموا دولة ليهود ، وقد تم أخذ كل فلسطين وسيناء
والجولان .
وهذه الدولة مصيرها إلى الزوال كما سأبينه في هذا الكتاب مستندا إلى القرآن الكريم
والأحاديث الصحيحة في قتال يهود رغم ما جرى ويجري الآن من محاولات لتثبيت إسرائيل
دولة والذي تولى كبره الرئيس (المؤمن) بدولة يهود (السادات) الذي دخل التاريخ كأخزى
حاكم يمارس الخيانة بلا خجل ولا حياء ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله
:" الحياء من الإيمان " . وهو في محاولته لتثبيت إسرائيل دولة أعلن أنه (ممنوع
تسييس الإسلام) . فهو يريد أن يفرغ الإسلام من مضمونه ، ويلغي تسعة أعشاره ليبقى
الإسلام دين المتبطلين وأصحاب البطنة من علماء السوء والذين يباركون كل حاكم فيما
يعمل ، فإن كان الحاكم إشتراكيا فالإسلام إشتراكي ، وإن كان رأسماليا ربوبيا
فالإسلام رأسمالي لا يحرم الربا . وإن كان محاربا فالإسلام أمر بالجهاد ، وإن كان
خائنا مستسلما فسرعان ما يحرفون الكلم عن مواضعه ليبرروا خيانته (إسلاميا) قائلين
(وإن جنحوا للسلم فأجنح لها) [الأنفال : 61] ، مع أن هذه الآية لا تكون إلا في حالة
الجهاد حينما يطلب الكفار أن يسلموا للمسلمين . أما في حالة الخيـانة التي قام بها
السادات وأمثــاله فإن الله يقول للمؤمنين ، وليس للسادات (فلا تهنوا وتدعوا إلى
السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم) [محمد : 35] . فهم مع الحاكم
وليسوا مع الإسلام . إنهم يبحثون عن المناصب والدرجات الدنيا والمتع الرخيصة
يلعقونها .
وقضية الدين والسياسة وتسييس الدين قضية لم يعرفها المسلمون إلا في العهد الذي
غزاهم فيه الكفر فأحتل بلادهم ، إذ أن معنى السياسة (من ساس الخيل ، أي رعى شؤونها)
أنها رعاية شؤون الناس أفـرادا وجمـاعات ودولة فهو يبين أحكام الطهـارة وأحكام
الجهاد ، وأحكام الإنتصار ، وأحكام المعاهدات الدولية ، وأحكام القانون الدولي
(المعاهد ، الحربي ، المستأمن) وكل ما يحتاجه الفرد والجماعة والدولة من أحكام .
فإذا أراد بعض الحكام أن تبقى السياسة لهم ولأعوانهم ممن فقدوا الطهر وتسلقوا
المناصب بالكذب والنفاق والخداع وبتوصية من السفارات وأعلنوا إستعدادهم لكل عمل
يكلفون به ، ولو كلفهم دينهم ومروءتهم ورجولتهم ، فهم ليسوا من الإسلام في شيء
وسياسة الإسلام ليست هذه . وحينما كان الإسلام هو الذي يسوس صعدت أمتنا على قمة
الدنيا وقادت الإنسانية . وحينما ساس الأمة دساتير الكفر والإلحاد ، كان السياسيون
من نوع الدساتير الكافرة ، فهم يمتازون بالإعراض عن الله والتحلل من كل فضيلة
والإستهزاء بالإسلام وأهله ، ولا يرى أحدهم إلا حياته يحياها ، أما الآخرة فلا شأن
له بها (وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر )
[الجاثية : 24] .
وظن الغرب ويهود وأعوانهم أن الأمر سيستمر لهم ، ولكن أبشرهم بأنهم يخطئون ، وأن
نصر الله للمسلمين آت وأن حزب الله سيغلب ، وأننا على أبواب نصر حتمي سيبدأ حينما
تزول دولة يهود وأنظمة التجزئة إلى مزابل التاريخ .
ومنذ سنوات وأنا أبشر الناس بالنصر المرتقــب الذي بشرت به الآيات والأحاديث ،
وكانت العلامة عندي هي تحـول الشباب في بلاد المسلمين إلى الإسـلام فجـأة . وكان
كثير من الناس يستغرب من تفـاؤلي (المسرف) ولكني كنت ولا أزال واثقا من نصر الله
(فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) [الروم :60] .
الشيخ أسعد بيوض التميمي
تمهيد ..
بحلول عام 1948م
سلمت فلسطين بدون قتال بعد دخول الجيوش العربية إليها والتي زعمت أنها داخلة
لتحريرها ، وحيث كان الفلسطينيون أهل البلاد منتصرين على اليهود في كل أنحاء فلسطين
.
وقد أوقعت قوات الجهاد المقدس بقيادة المرحوم الشهيد عبد القادر الحسيني وإشراف
سماحة الحاج أمين الحسيني ضربات موجعة في الكيان اليهودي ، مما جعل مظاهرات تقوم في
مدينة القدس تطالب بالتسليم ، لأن المجاهدين استطاعوا أن يقطعوا امدادات المياه عن
القدس ، مما جعل أمريكا وبريطانيا تضطران لطلب إلغاء قرار التقسيم الذي كاد أن يلغى
لولا أن أخذ حكـام العرب على عاتقهم في ذلك الحين تنفيذه ، وأدخلوا جيوشهم لتنفيذ
هذا الأمر بعد أن منعت اللجنة العربية العسكرية التي ألفتها الجامعة العربية السلاح
عن قوات الجهاد المقدس في تفاصيل مخزية مزرية .
وكان المرحوم الشهيد عبد القادر الحسيني قد ذهب إلى دمشق ليحضر تلك الأسلحة فأخذوا
يماطلونه ويراوغونه ، فرجع ولم يعطوه إلا نزرا يسيرا من سلاح لا يغني في المعركة ،
مما جعله يدخل معركة القسطل يائسا أو شبه يائس ويسقط شهيدا لتقوم بعد استشهاده دولة
يهود .
وفي الفترة الواقعة بين 1948 - 1967م حدثت عدة إنقلابات في العالم العربي تمت
خلالها حلقة تطويق الفكر الإسلامي وإحلال الفكر القومي والعلماني والاشتراكي مكانه
، فصارت الأمة تلهث وراء الزعيم والقائد ظانة أنه المنقذ المنتظر وصلاح الدين
الجديد ، وبعد عدة حوادث تاريخية مهمة مرت على الأمة انكشف خلالها النفاق والكذب
وذهب كالسراب ( والذين كفــروا أعمــالهم كسراب بقيعـة يحسبه الظمــآن ماء حتى إذا
جاءه لم يجده شيئـا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب ) [ النور : 39 ]
. وقد وضعت الأمة في ظلمات كثيفة ، ظلمات شارك فيها كل الذين عملوا على تغيير
هويتها ، وكانت كما قال الله ( أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه
سحاب ظلمات بعضها فـوق بعض إذا أخـرج يده لم يكد يراهـا ومن لم يجعـل الله لو نـورا
فما له من نـور ) [ النور : 40 ] .
وكان لا بد للظلام أن ينقشع ، ولا بد للحقيقة أن تظهر ، ولا بد للزيف أن يبين ، ولا
بد للفكر المزيف اللقيط أن يسقط ، فكانت نكبة 1967م .
وكان رد الفعـل مساويا للفعـل ، فتعرت الأنظمـة والمبـادىء والأفكـار الفاشلة في
ساعة أو بعض ساعة لم تصمد في معركة ، ولم تقاتل عدوا ، فكانت نكبـة (5/ حزيران /
1967م) التي لم تعرف الدنيا لها مثيلا في سرعة الهزيمة وإنكشاف أنظمة السخيمة وهروب
الجيوش ، وانقشع الظلام وذهب السراب ، فإذا الزعامات عارية ، وإذا الفكر عفن ، فكر
الإباحية واستباحة الأعراض والأموال ، فكر فصل الدين عن الحياة . وإذا يهود في كل
فلسطين من البحر إلى النهر ، وفي غير فلسطين من سيناء والجولان . وبدأت مرحلة جديدة
حيث كانت نكبة 1967م بدايتها ، فالأرض المباركة لها رسالة كما يبدو من إستقراء
التاريخ ، فيصل المسلمـون إلى الحضيض يوم سـقوط الأقصى وبقية الأرض المباركة في
أيدي الكفـار ، ويكون هذا السقوط هو الآذان الذي يقرع الأسماع ويوقظ الغافلين ويهدي
المتشككين ، هكذا كان في الحروب الصليبية ، فلم يتحرك المسلمون حركة صعود إلا بعد
سقوط الأقصى والقدس في أيدي الكفار ، وهكذا في حروب التتار هب المسلمون ليصدوا
الخطر عن فلسطين والقدس . وهم اليوم كذلك حيث فقدت زعامـات 67 وأفكـارها وساستهـا
وهجها وبريقها ، وسقطت نظريات الكفر والإلحـاد ، وسقط مشروع فصل الأمة عن دينهــا
الذي إنخـدعت طويـلا يخـرج من الظلمــات إلى النـور والحقيقـة ، وبـدأت الصحـوة
الإسلاميـة تتفاعـل ببطء لا يراهـا إلا من عاشها من أولها . ثم وقعت حرب ( رمضان /
1973م ) حيث قاتل حيش مصر المسلم بعقيدته لأول مرة في العصر الحديث ، وكبر وهو
يجتاز القناة ( الله أكبر .. الله أكبر ) ، واستغاث بالله العظـيم ، ومن يستغيث
بالله يغثه ، ومن يستنجد بالله ينجده . فاجتــاز القنــاة بيسر عجيب ودخل سيناء
وكاد أن يقضي على دولة يهـود .. لولا أن السادات كان متآمرا . فأوقف الزحف وبدأت
الخيانة حتى وصـلت إلى ذروتهـا بإتفاق (كامب ديفيد) وبعدها ظن السادات واهما أنه
سيكسر الحاجز النفسي بين المسلمين واليهود ، وما علم أن هذا الحاجز أقامه الله في
قرآنه ، وثبت قواعـده لؤم يهود وحقدهم . وتحطم الســادات ولم يتحطم الحاجز النفسي
بين المسلمين عامــة (والمصرين خاصـة) وبين يهـود ، لأنه حاجـز أقامـه الله وما كان
من إقامة الله لا يهدمــه بشـر .
وتفجرت الصحوة الإسلامية ثورة ثقافية في العالم الإسلامي ، وكان قمة تلك الصحوة
تحول الشعب الجزائري إلى الإسلام بعد أن حاولت فرنسا تغريبه خلال مائة وخمسين سنة ،
وإبعاده عن الإسلام ، والآن فإن الجزائر مهيأة لأن تقوم بها أول خلافة إسلامية بعد
أن أزيلت وأبعدت الخلافة عن الحكم بعد عزل السلطان عبد الحميد ، وإن بشرى قيامها قد
بدأت بإذن الله ، وكذلك بلغت ذروتها في إيران . فسقط الشاه وحكم علماء إيران (
الشيعة ) البلاد ، فأضطرب العالم كله .. هل عاد الإسلام إلى الحياة من جديد مؤثرا
في الأحداث السياسية الدولية ؟!
وانشغلت جامعات العالم وصحافته وإذاعاته وتلفزته بالإسلام من جديد بين مهاجم ومحلل
ونابش للتاريخ . وأراد يهود بأن يستعجلوا القضاء على الثورة الفلسطينية قبل أن
يدخلها الإسلام فتعاونوا بذلك مع حكام العرب ، ولكن الثورة لم تنته ووقع المحظور ،
ودخل الإسلام الثورة ، وبدأت بوادر ذهاب دولة يهود لتصدق الآيات والأحاديث التي نحن
بصدد تفسيرها وتأويلها .
ونام أهل فلسطين ذات ليلة - كل فلسطين حوالي ثلاثة ملايين - كما ينام باقي البشر
على تباغض وتحاسد واختلاف ، ويصبح الصبــاح فإذا هم على قلب رجل واحد " كالجسد
الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " ، ويزهدون بالحيـاة
، ويزهدون بالمـال ، ويزهدون بالولـد ، وينزع الله مهـابة عدوهـم من قلوبهـم ،
وذهبت الفـترة المـريرة التي قـال عنها رسـول الله صلى الله عليـه وسلم :" توشك أن
تتداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتهـا ، قالوا : أومن قلة نحن يومئـذ يا
رسول الله ؟ ، قال صلى عليـه وسلم : بل إنكم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ،
ولينزعن الله مهابتكم من قلوب عدوكـم ، وليقذفـن في قلوبكم الوهن ، قالوا : ما
الوهن يا رسول الله ؟ ، قال ( صلى الله عليه وسلم ) : حب الدنيا وكراهية الموت " .
ونزع الله حب الدنيا من قلوب أهل الأرض المباركة فعادوا في فلسطين ولبنان أسود
تزمجر وجنود تقتحم ، مكبرين ومهللين ، فإذا فلسطين كل فلسطين تموج بالتكبير موجا
وتطارد حجارتها الغزاة المغتصبين .
وإذا معجزة في الأرض تحدث ، لا يمكن أن تخضع لتحليل عقلي ولا لتفسير مادي ، وليس
لها جواب إلا آية من كتاب الله ( لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم
ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم ) [ الأنفال : 63] . وبدأت تتبخر أحلام دولة
يهود بدولتهم الكبرى من النيل إلى الفرات ، وانكشف حقيقة يهود للعالم ، وأنكشف
حقدهم على الله وعلى الناس ، وكما هو الحجر من جنود الله في المعركة ، كان التلفاز
من جنود الله في المعركة حيث كشف للعالم كله حقد ووحشية يهود .
وبدأ الرأي العالم العالمي يتململ من ظلم يهود ، وكل هذا تمهيدا لأن تزول هذه
الدويلة من الوجود . ودخل الإسلام المعركة في فلسطين ، وأصبح المسجد دار القيادة ،
والمأذنة تنادي ، والشعار ( الله أكبر ) ، والفرار دأب يهود اليومي ينزعجون من
النداء حيث يحطم أعصابهم ويدخل الرعب في قلوبهم خصوصا إذا كان نداء جماعيا تقوم به
المدينة أو القرية أو المخيم ، فتختلط تكبيرات المؤمن بتراتيل الملائكة الوافدين
بإذن الله لنجدتهم ( إذ تستغيثون ربكم فأستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة
مردفين ) [ الأنفال : 9 ] . فإذا الذي يحملون بالحلول السلمية تتبخر أحلامهم مع
الإنتفاضة ، وتسقط عقلانيتهم ودعوتهم للإعتدال والواقعية كما يدعون ، وهم من الذين
لا يؤمنون بالغيب وبإرادة الأمة على تحقيق عزها بالنصر المبين . لا تحلموا ، فزوال
دولة إسرائيل قدر مقدر ، وقضـاء مـبرم ، كما بينته الآيات في سور الإسراء والمائدة
، وفي غيرها من الآيات ، وما كان من القدر لا يبطله بشر .
إننا نعيش أيام التغيير في الأرض وعـودة الإسلام إلى الحياة لتعود لنـا الحياة ،
ويعود لنا النصر ، ونحن والله على أبـواب الخلافــة الراشدة من جـديد حيث يصف
الرسول صلى الله عليه وسلم مسيرة الحكم في المسلمين إلى يوم القيــامة فيقول :"
تكون فيكم نبوة ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون
خلافة راشدة ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ، ثم يكون فيكم
ملكا عاضا - ولاية العهد في العصر الأموي والعباسي والمملوكي والعثماني - ما شاء
الله أن يكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ، ثم يكون فيكم ملكا جبريا - أي
الإنقلابات التي بدأت بالإنقلاب العثماني على السلطان عبد الحميد ، وأتمه أتاتورك (
لعنه الله ) ولم تتوقف الإنقلابات في بلاد المسلمين والعرب منذ ذلك الحين إلى هذا
اليوم - ما شاء الله أن يكــون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ، ثم تعود خلافة
على منهاج النبـوة .. ثم سكت " .
يا أهل فلسطين في مخيماتكم ، في الظلم الذي تعيشون ، ظلم ذوي القرابة بالإضافة إلى
ظلم يهود ، وظلم أمريكا وأعوانها وعملائها ، يا أهل الجليل في المهجر وفي الجليل ،
يا أهل حيفا في المهجر وحيفا ، يا أهل عكا في المهجر وعكا ، يا أهل المثلث في
المهجر والمثلث ، يا أهل يافا واللد والرملة في المهجر ويافا واللد والرملة ، يا
أهل نابلس في المهجر ونابلس وفي كل قرية فيها ، يا أهل بيت لحم وبيت جالا وبيت
ساحور في الداخل وفي المهجر ، يا أهل القدس وما أدراك ما القدس في المدينة وحولها
ومن حولها ، يا أهل الخليل في المهجر والداخـل في كل قرية من قـراها ومخيم من
مخيمـاتهـا ، يا أهل الناصرة وقراها في المهجر ، يا أهل غزة وما أدراك ما غزة في
العرين وفي المهجر ،أبشروا بنصر الله قرب الفـرج وزوال دولـة يهـود . ألم تروا ما
فعـلت حجــارتكم وما فعلتـه سواعدكم .. أبشروا بنصر الله (ويقولون متى هو قل عسى أن
يكون قريبا) [الإسراء :51] (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من
قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر
الله ألا إن نصر الله قريب) [البقرة : 214] .
مزيدا من التلاحم في الداخل والخارج ، مزيدا من القرب من الله ، مزيدا من تلاوة
القرآن ، مزيدا من الدعاء والتضرع والبكاء إلى الله رب العالمين ، مزيدا من السجود
في جوف الليل ، مزيدا من إحتقار الدنيا ، وطرق باب الجنة برؤوس يهود وأعوانهم .
يا أهل المخيمات في لبنان ، يا من تحملتم ظلم ذوي القربى وقتل نسائكم وأطفالكم
بأيدي يهود والموارنة وأعوانهما ، يا أهل المخيمات في سوريا ، وفي الأردن ، لن يطول
ظلمكم والظلام الذي تعيشون فيه حيث بدأت معركة الإسلام مع الكفر ، ومعركة المسلمين
مع يهود وبدأ الحديث يتحقق :" لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم
المسلمون حتى يقول الشجر والحجر : يا مسلم ، يا عبد الله هذا يهودي ورائي تعال
فأقتله إلا الغرقد فإنه من شجر يهود " .
والسلام عليكم في
المنتصرين والخالدين والمؤمنين ورحمة الله وبركاته
الشيخ
أسعد بيوض التميمي
التالي >>> |