-
حتمية النصر من خلال آيات أخرى
كان هدف الكافر المستعمر أن يوقع اليأس في قلب الأمة الإسلامية ، ويقنعها
بأنها قد فقدت مقومات النصر ، وأنها لا تصلح للحياة . ولقد استطاع أن يبعد
الدين عن حياتها ، وعمل ذلك خلال قرنين من الزمن بعد أن استيقظ من هزيمته
في الحروب الصليبية ، وعرف أن سر نصر هذه الأمة هو الإسلام ، فأراد أن
ينزعها من الإسلام أو ينزع الإسلام منها . وكان الغرب في هذا الوقت قد بدأت
فيه النهضة الصناعية التي قلبت وسائل الحياة المادية عنده ، وأعطته من
أسباب القوة والمنعة الشيء الكثير . وكان العقل الإسلامي في هذا الوقت قد
أصابه الجمود وأغلق باب الإجتهاد ، وتولى قيادة الأمة أناس يغلب عليهم
الجهل ، وعلماء الأمة تاهوا في الخلافات المذهبية والمحاككاة اللفظية ،
والانتصار لآراء الأئمة والمذاهب الفقهية بالحق أو الباطل ، وضعفت اللغة
العربية التي هي وعاء الإسلام ، ولم تصبح هي اللغة الرسمية ، وغلب عليها
السجع والمحسنات اللفظية ، والكلام الممل والأسلوب الهابط . وصاحب ذلك
خرافات وأباطيل نسبت إلى الإسلام زورا وبهتانا . مما سهل على الغرب أن يغزو
الأمة وهي في هذا الخمول الذهني والإنحطاط الفكري ، إذ بعدت عن إشراقة
الإسلام ، وفصاحة القرآن ، والنظرة الصائبة ، والفكر العميق الذي لازمها في
القرن الأول والثاني والثالث وإلى حد ما في القرنين الرابع والخامس من
الهجرة ، ثم تفككت بعض أجزائها بعد ذلك ، واستقل بعض ولاتها ببعض أجزائهـا
، وصـارت دولا ودويلات ، وانفصل مغرب الأمة عن مشرقهـا في كثير من الأحيـان
. وأمتنا لا تنتصر إلا إذا فكرت بعمق ، وأخذت الإسلام بصـدق ، وفهمت القرآن
بإشراق روحي ، فلما كانت كذلك استمرت منتصرة لم تتقهقر ، متقدمة لا تتراجع
، واثقة بالله ربها ، وأنها خير أمة أخرجت للناس .
فلما ابتعدت عن الفكر المستنير ، وأخذت تهبط متدرجة حتى وصلت إلى الحضيض ،
إستطاع عدوها الكافر أن يثب عليها أول مرة في الأندلس ، حيث ملوك الطوائف
وعنعنات الجاهلية المتمثلة بالقيسية واليمنية والتي أخذها العرب معهم إلى
أوروبا ، فذهبت منها الدرة الثمينة ، والبلاد التي أشرق فيها نور الإسلام
يوما يشع على العالم النصراني من حوله يضيء جنبات فكره ، فلما كان العصر
الحديث، وهي في خمولها وانحطاطها وتدهورها ، استطاع عدوها أن يسيطر عليها
ويمزقها ويستذلها ، وعاشت في دويلات أو شبه دويلات ، وفي إمارات تشبه
الحارات ، وعدوها يخطط للقضاء على حضارتها حتى وصلنا إلى أن التحدث في
الإسلام أصبح معيبا وأن الذي يتحدث عن الإسلام في حديثه يتحدث عنه على
استحياء خوفا من أن يتهم بالرجعية أوالتخلف أوالجمود .
ورأينا علماء أو ما يشبه العلماء يسيرون في ركاب الكافر ، يعطيهم بعض حظهم
من الدنيا فتاتا لا يغني ، ومناصب ليس لها معنى ، وحصر الدين في المساجد مع
مراقبته لها ، وخطط للدين في المدارس وسماه التربية الإسلامية ، مع أن
الإسلام يربي الفرد وينشىء الدولة ، ويصنع الحضارة ، وفيه لكل مشكلة من
مشاكل الحياة حل ، وركب الشباب - الذين رباهم الكفر في مدارسه - موجة
القوميات ، ومشوا تحت شعار العلمانية زاعمين أنهم بأمتهم سينهضون ، وقد ترك
الإستعمار بلادهم بعد أن مكن لهؤلاء الشباب ، وسلمهم السلطة ، وقد انضووا
تحت ستار أحزاب كافرة ، أو قادة انقلاب للحكم مغتصبة ، تؤلف لها أحزابا
وجماعات من المنتفعين والمطبلين والمزمرين . ومن العجيب الغريب أن هؤلاء
الشباب ، والأحـزاب التي ألفـوها والانقـلابات التي صنعت لهـم كلهم ينـادون
بالوحـدة - شـعارا - وكل يعمـل لهدمهـا خوفــا على كرسيـه أو منصبــه ،
وحتى لا تـذوب الحـدود والسدود . وضـاعـت فلسطـين في مرتين : المرة الأولى
في عـام 1948م في ظل الحكـام التقليديين الرجعيين الذين نصبهم الاستعمار
مباشرة بعد أن تعاونوا معه في القضاء على دولة الخلافة وفي الرضا بالتجزئة
وفي القبول بالكيانات الهزيلة وفي ألا يعود الإسلام إلى الحياة وأن ينزوي
في المساجد أو التكايا أو الزوايا .
وفي المرة الثانية في عام 1967م في ظل حكم الثوريون الذين جاءوا بإنقلابات
عسكرية يركبون متن " القومية " و " الاشتراكية " . وفي هذه المرة ليست
قومية الرجعيين وإنما قومية ثورية ، مشتطة قي ثوريتها ـ حامية شعاراتها ،
ملتهب حماسها ، تزمجر وتولول : ويل للاستعمار ! ويل ليهود ! ويل للرجعية
التي تعيش في القصور وفي الفجور ! وفجأة تأخذ هذه الفئات تبحث عن قصور
الرجعيين الذين سبقوهم في موالاة يهود والنصارى ، فسبقتهم في فجورهم وفي
نعيم قصورهم ، وفي أساطيل سياراتهم وفي تنوعها ، حتى إذا لم تجد القومية ما
يغني لتنظيم شؤون الحياة لم تعد إلى ذاتها الحضارية ، وإلى عقيدة أمتها ،
وإلى الإسلام تستغيثه ليحل المشكلة الإقتصادية والإجتماعية والسياسية وكل
مشكلات الحياة . وأغلبها جاهل بالإسلام لا يعرفه ، وكلهم حاقد على الإسلام
لا يريده ، لأن عقولهـم ونفوسهم صنعت في مطـابخ المخابرات الشيوعية ،
فأخذوا يتجهون إلى " الاشتراكية العلمية " يلبسونها القومية أو يلبسوها
للقومية . والاشتراكية العلمية تعني بكل بساطة إنكار وجود الخالق وقبول
نظرية التطور الحتمي في المجتمع والتاريخ والإنسان والحيوان وكل الموجودات
. ولا يستحون بعد ذلك أن يقولوا : إنها اشتراكية عربية ، والذي إخترع
الاشتراكية يهودي ألماني وروسي (ماركس ولينين)، ويضاف إليهما أنجلز .
والحقيقة أن هؤلاء الثوريين لا يفقهون حتى الماركسية ، وإنما يريدون أن
ينفلتوا من كل القيم ، ومن كل خلق ليعيشوا عيشة بهيمية .
وكانت حركات إسلاميــة قد برزت في منتصف هذا القرن ، أو قبل ذلك بقليل ،
وأخذت تكون خطرا على كيان يهود ، فكان لا بد من سحقها على أيدي الثوريين
لتثبيت إسرائيل دولة . وأصبح التدين في بعض الأقطار العربية الإسلامية
جريمة يعاقب عليها ، وأصبح الإيمان مطاردا أصحابه ، وأصبح كثير من المؤمنين
يخفون إيمانهم .
وتوالت الهزائم على أيدي الثوريين ولم يكونوا أحسن حظا من الرجعيين ، وكانت
القومية الثورية صنو القومية الرجعية ، نافستها في كل شيء : في العمالة
(وإن كانت عمالة الأولى واضحة ، والثانية تتستر وراء الشعارات وشتم
الاستعمار وخداع الجماهير وتضليل العامة) . والطرفان يتفقان في خدمة
الاستعمار ، ولكن بإسلوبين مختلفين . فالقوميون التقليديون يريدون فصل
الدين عن الحياة ، وأغلبهم من الماسونيين الذين لا يؤمنون بدين إلا دين
الماسونية ، ويريدون الإسلام أن يبقى على رباهم وزناهم وخمرهم وميسرهم
وعمالتهم وتسليمهم لأوطانهم ، وبعد ذلك فليصل من يشاء أن يصلي ، وليذهب إلى
المسجد من يشاء أن يذهب إلى المسجد ، وليصم من يشاء أن يصوم ، وأما السياسة
فليست من صناعة الدين ولا أهل الإسلام، والعلماء الذين يطلق عليهم (رجال
الدين) لا يصح أن يتدخلوا في السياسة ، وهم بذلك يجعلون من رسول الله (صلى
الله عليه وسلم) راهب كنيسة أو شيخا في زاوية تتدلى في رقبته سبحته ، يتمتم
بالكهانة ولا يعتني بشــؤون الحيــاة ، ويجعلون من القرآن العظـيم كتــاب
أدعيــة وأحجبة ، يتـلى على أمواتهــم وعلى المقـابر ولا شـأن له بالحيـاة
، وبعـد ذلك يزعمــون أنهم "مسلمون" ، ولا أدري كيف يكون هؤلاء من المسلمين
!! .
وأما القوميون " الثوريون " فهم يرفضون الدين أصلا ، ولكنهم يبقون على بعض
مظاهره خوفا من نقمة العامة ، ومن ثورة " السفهاء " في زعمهم ، فهم لا
يؤمنون بالله واليوم الآخر ، وما أجمل آيات القرآن وهي تصفهم وهم متلبسون
في الجريمة ، فانظر إليهم تلاحقهم آيات القرآن ( ومن الناس من يقول آمنا
بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين* يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون
إلا أنفسهم وما يشعرون * في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم
بما كانوا يكذبون * وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون
* ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون * وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس
قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون * وإذا
لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما
نحن مستهزئون * الله يستهزىء بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون * أولئك الذين
إشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين ) [البقرة :
8-16] .
هذه الآيات تصف الفريقين القوميين التقليديين والقوميين الثوريين وإخوانهم
في الغي يمدونهم من الماسونيين والإشتراكيين والشيوعيين والرأسماليين ، فما
رأت الأمة إلا الهزائم على أيدي هؤلاء وهؤلاء ، ولم تر الخير على أيديهم قط
. لم تر إلا التعذيب والتخويف وقتل المروءة والرجولة تمهيدا للعدو حتى يأتي
ويستلم ، وقد أتى واستلم في ظل هؤلاء وهؤلاء ، استلم فلسطين كلها وسيناء
كلها والجولان أكثرها ، أصاب الأمة اليأس أو ما شابه اليأس ، كفرت بهم
ولكنها خافت منهم ، تلعنهم ولكنها تبتسم في وجوههم ، تدعو عليهم ولكنهم
يسوقونها لتصفق لهم . وأخذت الفئة القليلة المؤمنة تتطلع إلى الله وتنظر في
القرآن ، فإذا آيات من القرآن تعطي الأمل القطعي والنصر الآتي . الآيتان من
سورة الأنفال تدل الأولى منهما على النصر والغلبة للمسلمين في النهاية بشرط
أن يكون قتالهم قتالا إسلاميا ، وتحت شعار الإسلام ، لا تحت شعارات الكفر،
ولا مستظلين برايات الكفر (إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل
الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون ) [الأنفال : 36] .
ألا ترى إلى الغرب النصراني وقد أنفق الملايين على إنشاء المدارس والجامعات
والنوادي والمستشفيات ، ثم أنفق الملايين على تثبيت دولة يهود في أرض
الإسلام ، فأعطوها لقمة العيش وأعطوها كل سلاح مدمر ، وهم يباركون كل ما
تقوم به ويعلنون صباح مساء أن (دولة يهود قامت لتبقى) ، ولكن هناك شعور
منهم خفي أنها لن تبقى . وفجأة فإذا الأموال التي أنفقوها تذهب سدى ، وإذا
الشباب الذين تربوا على مناهجهم وفي مدارسهم وفي جامعاتهم ينقلبون عليهم
ويعادونهم عداء حقيقيا ، فلا يحملون فكرهم ، وإنما يحملون فكر أمتهم ،
فعادوا إلى الإسلام إلى نقطة البدء في الصراع حيث المعركة الحقيقية عبر
التاريخ بين قوى الكفر وقوى الإسلام الذي يمثله أنبياء الله المتتابعون منذ
آدم عليه السلام إلى نبينا (صلى الله عليه وسلم) ، خاتم الأنبياء والمرسلين
الذي أرسله الله رحمة للعالمين وإلى أهل الدنيا أجمعين إلى أن يرث الله
الأرض ومن عليها ، والله خير الوارثين .
وشعر الغرب وهو يعرف الحقيقة أن دولة يهود التي أقامها في أرض الإسلام لا
يمكن أن تستمر وليس لها صفة الدوام ، ولو أعلن على الملأ بين الحين والحين
أنها قامت لتبقى ، لأن أهل المنطقة عقيدتهم ترفض هضم دولة يهود ، وقرآنهم
يمنعهم من أن يسلموا أرضهم ليهود ، ونبيهم (صلى الله عليه وسلم) حذرهم من
يهـود وبشرهم بقتلهـم . ولذلك أهل المنطقـة لم يهضمـوا هذه الدويلة على
الرغم من أن أكثر الحكام من الماسونيين وكثير منهم من اليساريين وجلهم من
الرأسماليين، والماسـونيـون هم صناعة يهودية . قد اخترع يهـود دين
(الماسونية) يجذبون إليه ويدخلون فيه شخصيات عالمية ومحلية من حكام
واقتصاديين كبار وسياسيين ومحامين ..الخ ليعاونوهم على إعادة بناء الهيكل
مكان المسجد الأقصى . وبالفعل فقد سلموا لهم الأقصى عام 1967م . وإني لأذكر
تلك الليلة المباركة (ليلة 27 من رمضان) ليلة القدر في آخر رمضان قضيته في
القدس عام 1967م - وقد صلينا تلك الليلة في المسجد الأقصى مع عدد كبير من
المسلمين ، فجلست إلى الناس وحدثتهم بعد صلاة التراويح لأكثر من ساعتين
تعرضت فيها للحركات الفكرية والسياسية التي تسود بلاد المسلمين ، فلما جاء
دور الماسونية في الحديث ، قلت إنها جمعية يهودية تسعى لإعادة بناء الهيكل
، وأن أكثر حكام هذا البلد من الماسونيين ، وسيسلمون المسجد الأقصى ليس
خيانة فقط وإنما عقيدة ليقيم يهود عليه الهيكل .. وقد كان !!
واليساريون من الحكام ومن الأحزاب ومن المنظمات لا يحاربون يهود حرب تحرير
، ولكنهم يحاربونهم في فلسطين (حربا طبقية) حتى إذا استلمت (الفئة العاملة)
الحكم هنا وهناك ، لم تعد هناك مشكلة عند اليساريين إذ إن مصلحة الطبقة
العاملة في كل الدنيا واحدة ، حسب زعمهم . وأما الرأسماليون الربويون
الاحتكاريون الذين يفصلون الدين عن الحياة ، فهم يريدون من الأمة أن تعترف
بالأمر الواقع ، لأن مصالحهم الربوية الاحتكارية مرتبطة بمصالح يهود
الربوية الاحتكارية ، والحرب قد تدمر قصورهم وتمحق رباهم ، ولذلك هم يدعون
إلى العقلانية ، وبالرغم من إخلاص هؤلاء لدولة يهود ، فإنهم لن يسطيعوا
تثبيتها دولة .
وأما الآية الأخرى من سورة الأنفال ، فهي تجيب على سؤال كبير يطرحه
الخائفون والمرجفون والمتشككون بنصر الله . والذين يدعون إلى " العقلانية "
، فيتساءلــون : كيف تذهب دولة يهـود ومن ورائها الغرب وما يملك من أسلحة
تدمير ، والشرق بما يملك من إرهاب وتخويف ؟ وإن كان الشرق يدعمها دعم
المنافقين ، فهو يمدنا ببعض السلاح ، ويمدها بالرجال . فالله سبحانه وتعالى
يجيب هؤلاء الخائفين الذين يخافــون على الحياة الدنيا فيقول (ولا يحسبن
الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون) [الأنفال : 59] .. لا تخافوا ولا تهتموا
، إن الأمر يتعلق بي ، فكونوا معي وإني إذا أخلصتم في عبادتي أوفقكم إلى
طريق العمل ، وأتولى تدمير عدوكم . ألم تر كيف يضرب الله الأمثال لنا بين
الحين والحين فيغرق عدة ولايات أمريكية بالفيضانات ويوقف الحياة في أمريكا
بالثلوج والصقيع ! ولقد ضرب لنا مثلا قبل عام من الزمن حينما قطع التيار
الكهربائي عن أعظم مدينة في أمريكـا أو في العـالم (نيويورك) ، وكيف أنها
دمرت في تلك الليلة ونهبت وسرقت؟ وفي (الإتحاد السوفياتي السابق) في عام
1981م إنخفضت الحرارة إلى درجة توقفت معها وسائل التدفئة ، وتعطلت الحياة ،
وأصبح داخل الثلاجة أدفأ من خارجها . ولقد سلط الله على أمريكا خاصة والغرب
بشكل عام مرضا جنسيا جديدا ، ليس الزهري ولا السيلان ، وإنما ( الإيدز
"AIDS" ) ، وهو يكاد أن يتحول إلى وباء في أمريكا ، فأمريكا الآن في قلق ،
وعلماؤها وأطباؤها في اجتماع دائم لحل مشكلة هذا المرض الذي سيقضي على زهرة
شباب أمريكا وأوروبا . ولقد وصل الإيدز إلى دول الخليج ليقضي على الفاجرين
منهم الذين ملأوا الأرض فسادا وفجورا حتى أصبحوا مضرب المثل في الإنسان
البهيمي الحقير (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)[الأنفال : 30] .
ولقد بدأت تباشير نصر الله في التحول العجيب ، والزلزال الرهيب الذي قام به
شعب فلسطين المسلم ، بانتفاضتة العجيبة ، والجزائر بتياره الإسلامي الجارف،
وانتعشت الآمال في الأمة ، ورأت كيف يفعل التكبير والإستغاثة بالله العلي
الكبير ، وسقط فكر الثوريين والرجعيين ، وصدق الله العظيم (ولا يحسبن الذين
كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون) ، ولكن الله يمهل ولا يهمل ، والأمة حينما
وصلت إلى حالة اليأس إلى سنة من سنن الله مع المسلمين إذ حين تصل الأمة إلى
حالة اليأس يأتيها نصر الله (حتى إذا إستيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا
جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين) [يوسف :110] ،
(أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم
البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله
ألا إن نصر الله قريب) [البقرة : 214] .
وأكثر ما يمثل نصر الله في حالة الاستيئاس في غزوة الأحزاب (الخندق) ، حيث
جاءت قريش بعشرة آلاف مقاتل ، رابطوا أسفل المدينة ، ولم تكن الجزيرة
العربية تعرف مثل هذا العدد من الجيوش ، ونقض يهود العهد والميثاق الذي
كانوا قد عاهدوا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عليه بأن لا يكونوا مع
أعدائه ، وحيث برز المرجفون في المدينة من المنافقين الذين كانوا يتربصون
بالمسلمين الدوائر ، فوقع المسلمون بين أعداء ثلاثة : عدو أسفل منهم ( قريش
) ، وعدو من فوقهم ( يهود ) ، وعدو فيما بينهم ( المنافقون ) ، فأخذ النبي
( صلى الله عليه وسلم ) بالأسباب المادية التي لا بد منها في المعركة ،
فحفر الخندق بإشارة من سلمان الفارسي ، وكان وضع المسلمين في المدينة حرجا
حيث الطعام قليل ، واستولى الخوف على المسلمين حيث الحراسة المستمرة ليلا
ونهارا ، وحيث بلغ الجوع بالنبي ( صلى الله عليه وسلم ) وبعض أصحابه أن
ربطوا الحجر على بطونهم . وفي هذا الموقف الحرج الشديد الخطورة على الإسلام
وأهله ، وعلى أهل المدينة - الذين هم جل أهل الإسلام في ذلك الحين - . وبعد
أن أوقع النبي صلى الله عليـه وسلم الخـلاف بين قريش ويهـود في مهمـة قـام
بهـا نعـيم بن مسعود (وكان قد أسلم ولم يعلن إسلامه) .. فقال له الرسول
(صلى الله عليه وسـلم) :"ثبط عنا يا نعيم" . فقام نعيم بعملية إيقاع بين
يهود وقريش ونجح في ذلك . وكان المسلمون قد ضاقوا ذرعا بالحصار وبلغوا
اليأس . حيث أن المسلمين لا ينتصرون إلا إذا بلغوا حالة الاستيئاس (حتى إذا
إستيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا) [يوسف : 110] . ويصور الله
حالة اليأس هذه في سورة الأحزاب (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله
عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما
تعملون بصيرا * إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت
القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا * هنالك إبتلى المؤمنون وزلزلوا
زلزالا شديدا * وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله
ورسوله إلا غرورا) [الأحزاب :9-12] .. فنصرهم الله ، إذ أرسل جنودا لم
يروها ، وأرسل ريحا عاصفة تكفأ القدور في جيش قريش وتهدم الخيام ، ويصيب
قريش الذعر وقبل أن يأتي جند الله تظهر الفئة المنافقة الشماتة ، وتعلن أن
وعد النبي (صلى الله عليه وسلم) للمسلمين بفتح مشارق الأرض ومغاربها كان
نوعا من الغرور ، وأما الفئة المؤمنة فأيقنت بنصر الله في هذا الحصار
الشديد والمعاناة القاسية .. فقد اعترضت صخرة فئة من الصحابة وهم يحفرون
الخندق ، فأخبروا الرسول (صلى الله عليه وسلم) بذلك وطلبوا من الرأي :"ماذا
يفعلوا ؟" ، فنزل (صلى الله عليه وسلم) إلى الخندق وأخذ المعول بيديه
الشريفتين فضرب الصخرة ضربة فلق فيها ثلث الصخرة وخرج منها شرر أضاءت ما
بين لابتي - أطراف - المدينة فكبر الرسول (صلى الله عليه وسلم) فكبر
الصحابة لتكبيره ، وضرب الضربة الثانية فأنفلق الثلث الثاني من الصخرة وخرج
منها شرر أضاء ما بين لابتي المدينة فكبر الرسول (صلى الله عليه وسلم) وكبر
الصحابة لتكبيره ، وضرب الضربة الثالثة فأنفلق الثلث الأخير وانتهت الصخرة
وخرج منها شرر أضاء ما بين لابتي المدينة فكبر الرسول (صلى الله عليه وسلم)
وكبر الصحابة لتكبيره ، ثم خرج (صلى الله عليه وسلم) من الخندق فسأله
أصحابه عن الشرر والتكبير وكان السائل حذيفة بن اليمان وسلمان الفارسي -
رضي الله عنهما - ، فقال الرسول (صلى الله عليه وسلم) :"هل رأيتم ما رأى
حذيفة ؟" ، قالوا :"نعم" ، فقال (صلى الله عليه وسلم) :"أما الضربة الأولى
فقد أضاءت لي منها قصور الحيرة بأرض الفرس فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة
عليها ، وأما الثانيـة فقد أضـاءت منها قصـور الحمر بأرض الروم فأخبرني
جبريل أن أمتي ظاهرة عليها ، وأما الضربة الثالثـة فقد أضاءت لي منهـا
قصـور صنعـاء اليمن كأنهـا أنيـاب الكـلاب فأخـبرني جبريل أن أمـتي ظـاهرة
عليها .. أبشروا يبلغكم الفتح .. أبشروا يبلغكم الفتح .. أبشروا يبلغكـم
الفـتح " . .
ألا ترى أن المنافقين في هذا العصر هم الذين أشرت إليهم سابقا من أقصى
اليمين الماسوني إلى أقصى اليسار الشيوعي ، وما بينهما من هذه الأحزاب
والمسميات التي تشكك في نصر الله والتي تدعوا الأمة إلى اليأس والقنوط ،
والتي تشكك في الآيات والأحاديث تدعو الأمة لأن تستسلم لعدوها ، حيث أن
وضعها ميئوس منه ، وأنها لا تقوى على المقاومة . . والذين يتبنون هذه
الآراء في الأمة هم حكام التجزئة وأعوانهم من المنتفعين الذين يرون نصر
الأمة بالإسلام ضياعا لإمتيازاتهم وتذويبا لدويلاتهم ، وعودا للمجد وللنصر
وللعزة المؤمنة .
وأما الفئة المؤمنة ، على قلتها ، فهي ترى أن النصر آت وأن وعد الله قائم
(ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله
ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما) [الأحزاب : 22] .
ونحن اليوم نرى أن قتال يهود هو وعد لنا قبل قيام الساعة في آيات الإسراء
وآيات المائدة ، وفي أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فهو وعد من
الله ورسوله زادنا إيمانا بالله وبرسوله وبالقرآن وبالإسلام كله ، وأننا
على حق ، وأن الفئات المنافقة الكافرة هي التي أوصلتنا إلى الهزائم ، وأن
نصر الله آت لا ريب فيه ، وأن جند الإسلام - وليس جند القوميات ولا جند
اليسار ولا جند اليمين الرجعي - هو الذي سينتصر ، لأنه سيقاتل تحت راية
"الله أكبر" ، لا تحت راية العنعنات الجاهلية ، ولا شعارات الأيدلوجيات
التي نرفضها لأننا مسلمون ، سيرد الله تآمر الغرب الصليبي على أعقابه يوم
يرون دويلتهم التي أقاموها وقد أصبحت من مخلفات التاريخ ، يبحث علماؤهم عن
الأسباب التي أدت إلى زوالها ولا يعلمون أن هذا وعد الله تحقق في زوال دولة
يهود ، كما تحقق في زوال دولة الصليبيين قبلها ، ولكن بأسرع مما يتصور
الكثيرون ، وبأسرع مما زالت به دولة الصليبيين بإذن الله ، وسيقذف الله في
قلوب يهود الرعب كما قذف في قلوب آبائهم يوم الخندق حيث يصفهـم الله فيقول
(وأنزل الذين ظـاهروهم من أهـل الكتـاب من صيـاصيهـم وقـذف فـي قلوبهـم
الرعـب فريقا تقتلـون وتأسـرون فريقا) [الأحزاب : 26] . وهذا ما سيكون :
سنقتلهم حيث ثقفناهم ، ونخرجهم من حيث أخرجونا ، وسيعود الإسلام به نقاتل
وننتصر ، وبه نعيش ونحيا ، وبه نطهر ونتطهر ، وبه نتوحد بعد فرقة ، وبه
ستلغى الحدود ، وبه ستلغى جوازات السفر ، وبه ستلغى السفارات بين بلاد
المسلمين ، وبه ستذهب هذه الأعلام التي لا حصر لها ولا عدد ، وستبقى راية
الإسلام وحدها هي المرفوعة ، وهي التي لها العزة والكرامة . كل ذلك سيكون
بالإسلام ، لأن القوميات لا يمكن أن تفعل ذلك ، ولا الأيدلوجيات يمكنها أن
تفعل ذلك حيث لم نر في ظلها وظل شعاراتها إلا الخزي والعار والهزائم
والسخائم .
-
خلاصة تفسير آيات سورة الإسراء
نحن نعيش في مرحلة تاريخية ، قبل قيام الساعة ، أخبرت عنها آيات من القرآن
وأحاديث صحيحة لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . وهذه المرحلة سلسلة من
العذاب الذي سلطه الله على يهود منذ أن غضب الله عليهم حينما قتلوا
الأنبياء وعصوا الرسل ، وقال الله فيهم ( وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى
يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب ) [ الأعراف : 167 ] . والآيات الخاصة
بهذه المرحلـة التي نعيشهـا وردت في سورة الإسراء ، وخلاصتها تتمثل في
النقاط التاليـة :
1 - سورة الإسراء تتحدث عن علاقة يهود بالمسلمين .
2 - سمي المسجد الأقصى " مسجدا " ليلة الإسراء .
3 - أسري برسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ليلة الإسراء من مكة إلى القدس
ليكرس المسجد الأقصى " مسجدا " ، وليصعد من ساحاته إلى السماوات العلا حيث
سدرة المنتهى .
4 - تتحدث آيات الإسراء عن علو واحد ، وإفسادين وعقوبتين قضى الله بهما على
بني إسرائيل في الكتاب ، فالقضاء هناء المقصود به الحكم على إفساد اليهود
بالعقوبة وليس بمعنى أن الله أمرهم بالإفساد مرتين .
5 - المفسرون القدامى أخذوا يبحثون عن العلو ، والإفسادين والتدميرين في
التاريخ الذي سبق نزول القرآن . ويهود عذبوا قبل الإسلام ، وعذبوا بعد
الإسلام ، وسيستمر العذاب فيهم إلى قيام الساعة بنص الآية . إذن ليس هناك
من داع للبحث عن عذاب يهود التي أشارت إليها آيات الإسراء في التاريخ ، ما
دام السياق في الآيتين يشير إلى أن المرتين بعد نزول القرآن وليس قبله ،
للأسباب الآتية :
أ - يقول الله تعالى (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض
مرتين ولتعـلن علوا كبيرا فإذا جاء وعـد أولاهما) [الإسراء : 4] ، فكلمة
"إذا" شرطيـة لما يستقبل من الزمان ولا علاقة لما بعدها بما قبلها ، و
"اللام" في "لتفسدن" و"لتعلن" هي لام الإستقبال .
ب - يقول الله تعالى ( فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي
بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ) [ الإسراء : 5 ] ، وكلمة "
عباد " إذا أضيفت إلى لفظ الجلالة فهي في موطن التشريف . ولا يوصف بها إلا
المؤمنون ، ونبوخذ نصر كان وثنيــا ، فلا يستحق هذا التشريف ، وكذلك
الرومان كانوا وثنيين ، فلا يستحقون هذا التشريف . يقول الله تعالى ( إن
عبادي ليس لك عليهم سلطان ) [ الحجر : 42 ] . وهذا الوصف ينطبق على أصحاب
رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الذين قاتلوا في المدينة وفي خيبر وفي
تيماء ، وهذه هي المرة الأولى التي تشير إليها الآية ، وأما المرة الثانية
، فيقول تعالى (ثم رددنا لكم الكرة عليهم) [الإسراء : 6] ، و"الكرة" - لغة
- الدولة والسلطة ، فهل جعل الله ليهود سلطة على البابليين أوالأشوريين ؟
لم يحدث هذا . هل يمكن أن يحـدث الآن أو في المستقبـل ؟ يستحيل ذلك لأن
البابليين والأشوريين قد انقرضـوا . الذي حصل أن الله جعل الكرة ليهود على
أبناء الصحابة الذين جاسوا خلال الديار بعد أربعة عشر قرنا .
6 - يقول الله تعالى (وأمددناكم بأموال وبنين) [الإسراء : 6] لم يحدث أن مد
الله يهود بأموال وبنين إلا في هذه المرة التي نعيشها ، فدولة يهود تعيش
على التبرعات التي تأتيها من الغرب الصليبي وعلى المهاجرين الذين يأتونها
من الغرب الصليبي ومن الشرق الشيوعي (السابق) .
7 - يقول الله تعالى (وجعلناكم أكثر نفيرا) [الإسراء : 6] ، حيث تمدهم
بالعون العسكري أكبر دول الأرض : أمريكا ودول الحلف الأطلسي .
8 - يهدد الله يهود بعد أن قامت لهم دولة أنهم إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهـم
وإن أساءوا فعليها ، ويهود لا يمكن أن يحسنوا ، وإساءتهم متحققة ، ولذلك
فلا بد أن تزول دولتهم وتدمر .
9 - فإذا جاء وعد المرة الثانية في تدمـير علوهم فسيدخل المسلمون المسجد
الأقصى كما دخله المسلمون أول مرة فاتحين وسيدمر علو يهود المادي والمعنـوي
.
10 - في آخر سورة الإسراء آية تتعلق بقضية علو يهود وتدمير إفسادهم الثاني
، وهي قوله تعالى ( وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد
الآخرة جئنا بكم لفيفا * وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما ارسلناك إلا مبشرا
ونذيرا ) [ الإسراء : 104 - 105 ] ، والآية تشير إلى مجيء يهود إلى فلسطين
جماعات . . جماعات ، وذلك بعد أن تفرقوا في الأرض . وقد بدأ اتيانهم إلى
أرض فلسطين من أول القرن العشرين ليقوموا بإفسادهم الثاني المصاحب للعلو في
الأرض المباركة تمهيدا لتدميرهم ، والآية تشير إلى بشرى للمؤمنين وإنذار
للكافرين .
-
خلاصة تفسير آيات المائدة
-
1 - تتحدث الآيات في سورة المائدة [ آية 51 فما بعدها ] عن ولاء يهود
والنصارى . والواقع التاريخي يشير إلى أن العداوة بين يهود والنصارى قائمة
منذ أن اتهم النصارى يهود بصلب المسيح حسب زعمهم ، فلم توجد دولة نصرانية
إلا وعذبت يهود ، فكيف يمكن التوفيق بين الواقع التاريخي وبين ما أشارت
إليه آيات المائدة وبين آيات أخرى في القرآن الكريم تقرر عداوة النصارى
ليهود كقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى بن
مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريـون نحن أنصار الله فآمنت
طائفة من بني إسرائيل -أصبحــت نصرانيـة- وكفـرت طائفـة -بقيـت على
يهوديتهــا- فأيـدنا الذين آمنـوا -النصارى- على عدوهم -يهود- فأصبحوا
ظاهرين) [الصف : 14] .
2 - بعض المفسرين حينما رأوا الواقع التاريخي والآيات الأخرى يشيران إلى
العداوة بين يهود والنصارى وليس الولاء ، قالوا : إن المراد لقوله تعالى
(يا أيهــا الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء
بعض) [المائدة : 51] قالوا إن كل فئة موالية لبعضها البعض ، وليس الولاء
بين يهود والنصارى مجتمعين! وهذا قول مردود ، حيث أن آيات القرآن تشير إلى
عكس ذلك، فيقول الله في الآية [14] من سورة المائدة (ومن الذين قالوا إنا
نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة
والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون) [المائدة :
14] . وكذلك الحروب بين الدول النصرانية لم تنقطع عبر التاريخ وإلى يومنا
هذا .. وكذلك يهـود ليس بعضهـم أوليـاء بعض . فاللـه يقول (تحسبهـم جميعا
وقلوبهـم شـتى) [الحشر : 14] . ويقول أيضا (وقالـت اليهـود يد الله مغلولـة
غلـت أيديهـم ولعنـوا بما قالـوا بل يداه مبسوطتـان ينفق كيـف يشـاء
وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليـك من ربك طغيانا وكفرا وألقينــا بينهم
العداوة والبغضـاء إلى يوم القيامة) [المائدة : 64] .. والعداوة بين شقي
يهود الرئيسيين السفارديم (اليهود الشرقيين) ، والأشكناز (اليهود الغربيين)
مشهورة ومعروفة ، وكذلك العداوة بين أحزابهم المختلفة غير خفية .
3 - إذن تبين أن المراد بالولاء بين يهود والنصارى ليس ولاءً دائما ، وإنما
هو لفترة محدودة بدأت بأول القرن العشرين ، حيث تعاون يهود والنصارى على
عزل السلطان عبد الحميد ، حينما رفض أن يعطي إمتيازات ليهود في فلسطين ، ثم
جاءت بريطانيا النصرانية ، فأعطت وعد بلفور ثم جاءت عصبة الأمم النصرانية ،
فأعطت صك الإنتداب على فلسطين لبريطانيا النصرانية ، ثم عينت بريطانيا
النصرانية أول مندوب سام لها في فلسطين ( هربرت صموئيل ) وهو يهودي فوضع
الأسس لقيام دولة يهودية في فلسطين بسنه القوانين والتشريعات وفرضه الضرائب
. . الخ . ثم جاءت هيئة الأمم النصرانية ، فأعطت قرار قيام دولة يهود سنة
1947م ( قرار التقسيم ) ، وفي سنة 1956م تعاونت جيوش يهودية نصرانية - لأول
مرة في التاريخ - العدوان الثلاثي على مصر المسلمة . وفي الستينات قرر
المجمع المسكوني للبطاركة الكاثوليك برئاسة البابا يوحنا الثالث والعشرين
تبرئة يهود من دم المسيح - حسب زعمهم - وكذلك فعل خلفه البابا بولص السادس
. وقد أخذ التعاون شكله الجلي الواضح بين يهود والنصارى بقتال النصارى
الموارنة مع يهود في خندق واحد ضد المسلمين الفلسطينيين واللبنانيين في
لبنان ، وتعاون أحزاب " الكتائب " برئاسة بيير الجميل و " الوطنيون الأحرار
" برئاسة كميل شمعون ، ومليشيات " الرهبانيات اللبنانية " برئاسة الأب شربل
قسيس مع يهود وبشكل علني وكذلك إنضمام فئة من الجيش اللبناني من المارونيين
إلى قوات يهود في جنوب لبنان برئاسة الرائد الماروني النصراني سعد حداد ،
ثم اللواء أنطوان لحد ، وبشكل يقطع جهيرة كل داع إلى القومية العلمانية
العنصرية المحرمة من الإسلام ، حيث انهارت القومية العربية العلمانية
ومبادىء ما يسمى بالثورة العربية الكبرى والتي تدعو إلى العروبة منفصلة عن
الإسلام مع الاشتراكية والشيوعية .
4 - تتحدث الآيات على أن الذين يوالون يهود والنصارى ضد أمتهم . قد ارتدوا
عن الإسلام وأصبحوا من يهود والنصارى .
5 - تشير الآيات إلى أن هذه الفئات المرتدة التي تتعاون مع يهود والنصارى
ضد أمتها تكون عادة من أصحاب النفوذ والسلطان ، لأن الله يصفها بالظلم ،
والظلم والعدل يوصف به أصحاب النفوذ والسلطان عادة .
6 - تتحول هذه الفئات المتعاونة مع يهود والنصارى ضد أمتها إلى فئات مريضة
القلب ، أي منافقة ، فهي تظهر أمام الأمة بمظهر لا يدل على حقيقتها ، وتظهر
أمام يهود والنصارى بمظهرها الحقيقي .
7 - تسارع هذه الفئات المتعاونة مع يهود والنصارى فتبذل كل جهدها في
إرضائهم ، فتنفذ كل ما يطلب منها ، فهي تعمل بقوانين يهود والنصارى ، فهي
تقتل الحركات الإسلامية وتبيح كل ما حرم الله ، وهي كذلك تسلم الأوطان علها
تبقى في السلطة .
8 - إذا سألت هذه الفئات : لم التسارع في إرضاء يهود والنصارى؟ أجابتك
:لأنها تخشى أن تصيبها دائرة ، فهي تخشى على سلطانها ونفوذها وكراسيها من
يهود والنصـارى . وفي هذا إشارة إلى أن وقت تحقق معنى هذه الآية تكون
السلطة في الأرض وخصوصا في بلاد المسلمين ليهود والنصارى مجتمعين .
9 - عندها يأخذ الله سبحانه وتعالى الأمر بحكمته فيعالجه معالجة جذرية
فيقول (فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده) [المائدة : 52] ،
و"الفتح" هنا الفصل والحكم ، فهو سيفصل بين الفئة المؤمنة القليلة وبين
يهود والنصارى والمتعاونين معهم بأمر هو يعلمه .
10 - لقد بدأت بوادر هذا الأمر تظهر في الانتفاضة العظيمة التي حدثت في
فلسطين المسلمة ، والجزائر المجاهدة ومصر والسودان وتركيا وبقية بلاد
المسلمين ، وظهر قبل ذلك في شباب الأمة في إقبالهم نحو الإسلام .
11 - سيندم كل من تعاون مع يهود والنصارى ضد أمته في الحياة الدنيا قبل
الآخرة كما ندم الشاه وأعوانه والسادات وأعوانه والنميري وأعوانه وكما
سيندم الكثيرون يوم تمتد موجة الإسلام فتخلـع كل باطـل وتزلزل كل ظـالـم
وتمحو السيء من الأرض . .
12 - عندما يحدث ذلك ستتكشف حقائق مرعبة وأمور مذهلة وخفايا كثيرة لهؤلاء
الذين يواجهون الأمة بوجه ، وعدونا بوجه آخر ، حتى تستغرب الأمة أو الفئة
التي خدعت ( ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم
لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين ) [ المائدة : 53 ] .
13 - يحذر الله الأمة من أن ترتد فتتبع يهود والنصارى والذين فعلوا ذلك
ويفعلون سيندمون على ما فعلوا فسوف يأتي الله بأحبابه . وأحباب الله هؤلاء
هم الذين يخلفون المرتدين ، وهم أذلة على المؤمنين ، أعزة على الكافرين .
والمرتدون أذلة على الكافرين أعزة على المؤمنين . والمرتدون لا يريدون
الجهاد ، وأحباب الله لا تأخذهم في الله لومة لائم .. هي صور متقابلة
للقيادات المؤمنة وللقيادات المرتدة .
14 - حينما يأتي أحباب الله هؤلاء سيكونون موضع استغراب الناس كما حصل في
فلسطين والجزائر ، فالله سبحانه يجيب على هذا ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء
) [ المائدة : 54 ] .
15 - يأمـرنا الله بألا نـوالي يهـود والنصـارى ، إذن نــوالي من ؟ يجيب
اللـه سبحانه وتعـالى ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون
الصـلاة ويؤتـون الزكاة وهم راكعـون ) [ المائدة : 55 ] ، وبعد ذلك يخـتم
الله بالنصـر الأكـيد ( ومن يتول الله ورسوله والذين آمنـوا فإن حزب الله
هم الغالبــون ) [ المائدة : 56 ] .
فإذا ربطنا آيات الإسراء المتعلقة بيهود ، وآيات المائدة المتعلقة بيهود
والنصارى وموالاتهم بالأحاديث الصحيحة التي وردت عن قتال يهود ، والتي
رواها البخاري ومسلم ، وجدنا أن النصر حتمي ، وأن زوال دويلة يهود حتمي
كذلك . وهذا نص ما رواه مسلم : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) :" لا
تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يقول الحجر
والشجر : يا مسلم ، يا عبد الله هذا يهـودي ورائي تعـال فأقتـله إلا
الغرقـد فإنه من شجر يهود " . ورواية البخـاري تقول : قال رسول الله ( صلى
الله عليه وسلم ) :" تقاتلكم يهود فتسلطون عليهم حتى يقول الحجر والشجر :
يا مسلم ورائي يهودي تعال فأقتله " .
تطل علينــا أيام فيها الخـير ، ولكنها ليست سهلة ، حيث أن المعركة
الأخـيرة بيننـا وبـين يهود في الأرض المبـاركة ستكون مريرة يشـترك فيها
المسلمـون كل المسلمين ، ولكن النصر فيها محتوم بإذن الله ( ولينصرن الله
من ينصره إن الله لقوي عزيز ) [ الحج : 40 ] . أبشروا بيوم كيوم بدر ،
وكيوم القادسية ، وكيوم الــيرموك ، وكيوم حطين ( ويقولــون متى هو قل عسى
أن يكون قريبــا ) [ الإسراء : 51 ] .
عوامل النصر التي تمتلكها الأمة
بينت الآيات والأحاديث التي شرحناها في هذا الكتاب أن دولة أو ما يسمى
بدولة إسرائيل لن تدوم ، وأن زوالها حتمي ، مهما حاول الكفر أن يطيل من
عمرها، أو يعطيها أدوية مصطنعة ليستمر بقاؤها . ولكن هل تزول إسرائيل
بالدعاء وحده ، أو بتفسير الآيات وحدها ، وبيان الأحاديث النبوية التي تبشر
بزوالها ؟ إن ذلك لا يقول به الإسلام ، إذ لم يكتف رسول (الله صلى الله
عليه وسلم) بالدعاء على الكافرين ، وإنما جهز الجيوش وخاض المعارك ، وانتصر
حينما كان أصحابه يتقيدون بالأمر الرباني ، وكان ينهزم أصحابه حينمـا
يخالفـون الأمر كما حدث في (أحد) ، حينما خالـف الرمـاة أمر النبي (صلى
الله عليه وسلم) ، مما فتح الثغرة وانكشف ظهر المسلمين ، فتسبب ذلك في
هزيمتهم ، أو حينمـا ينسـون التوكل على ربهم ويعتمـدون على قوتهم وعددهم
وحدها كما حدث يوم (حنين) ، إذ أصاب الجيش الإسلامي غرور بكثرة عدده ،
فأعتبر أن النصر للكثرة ، ونسي أن النصر للكيف لا للكم ، والكيف هنا
(الإيمان) ، والإيمان هو التوكل على الله وطلب النصر منه بعد إعداد العدة ،
لأن المسلمين في تاريخهم الطـويل ومعاركهـم الحاسمـة لم ينتصروا بكـثرة
عددهم ولا العـدة . ففي (بدر) و(الخندق) و(فتح إفريقيا) و(فتح الأندلس)
و(فتح الهند) كان جيش الكفار يتفوق عليه بأعداد كبيرة ، ولكن النصر دائما
كان حليفهم ، لأنهم كانوا مع الله .
واليوم والأمة في معركة البقاء كأمة لها مقومات متميزة وحضارة واضحة،
ورسالة هي المنقذة للبشرية ، جاء عدوها لها بأعدائها يهود ، فغرسهم في
قلبها في فترة غياب الإسلام عن المجتمع وعن الحكم ، في فترة الفرقة وتعدد
الرايات والدويلات والإمارات والمشيخات ، في فترة سيادة الفكر العلماني
بوجهيه الرأسمالي والإشتراكي ، في فترة سطيرة أحزاب الهزيمة وزعامات
الخيانة الذين وثبوا إلى الحكم بنهم وشراسة ، وغرقوا في اللذة وهم في
طغيانهم يعمهون ، في فترة تثبيت الحدود وتعدد الجوازات وكثرة الأعلام
والرايات . وكانت هذه الأحزاب وتلك الزعامات تظن أن الإسلام قد انحسر ، ولم
يعد مؤثرا في الحياة ، وأنهم استطاعوا أن يحصروه هم والكفار في المساجد
والزوايا والتكايا ، وفي الدروشة الفارغة ، وفي الصوفية المتطرفة الملحدة
التي تتعدد فيها الآلهة .. وظنوا أنهم استطاعوا أن يحولوا الإسلام بهذه
الفرق التي أنشأها الكفر في القديم والحديث كالفرق الباطنية بمختلف أسمائها
ومسمياتها ـ كالإسماعيلية والدروز والعلوية - .. وكذلك القاديانية
والبهائية والبابية وغيرها ، فنام الكفر ونامت الأحزاب الضالة ، والزعامات
المنحرفة مطمئنة إلى أن الأمر قد انتهى ، وفجأة فإذا الإسلام يحرك النفـوس
من جديد ، وإذا شبـاب الأمة يصحـون من غفوتهم ويستيقظـون من سباتهــم ،
وإذا هم متجهـون إلى الله ، يملأون المساجد ، ويتدارسون القرآن ، ويطلقون
اللحى ويتفقهون في دين الله . وخافت الأحزاب الكافرة والزعامات الفارغة من
لحاهم لأنها تعتبر عن هويتهم ، فأصبح صاحب اللحية مطاردا في كثير من هذه
الدويلات ، ولكن هذه الأحزاب والزعامات تحس في قرارة نفسها أنها مسلطة على
الأمة بالحديد والنار ، وأن أجلها محتوم ، وأن خلاص الأمة منها قضاء مبرم ،
وأن الأمة تسير الدرب إلى النصر وهي في طريقها تملك الإمكانات الضخمة للنصر
وللغلبة وللتخلص من دولة يهود ، ومن الفرقة ومن أسباب الهزيمة . وأسباب
النصر هذه أوجز بعضها كما يلي :
أولا : أ - تملك الأمة عقيدة راسخة ، وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه
ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره من الله تعالى ، هذه العقيدة التي
تربى عليها أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، ومن بعدهم جنود الإسلام
عبر التاريخ، فانتصروا بها .. هذه العقيدة التي تجعل النصر بيد الله (وما
النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم) [الأنفال : 10] . هذه العقيـدة
التي تقـرر أن الأجل محـدود ، فلا يموت الإنسان إلا بإنتهاء أجله ، لا
تميته الحرب ولا المرض ، ولا تبقيه الصحـة والنشـاط (فإذا جاء أجلهم لا
يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) [الأعراف : 34] . فكم من مريض عاش سنوات طويلة
حتى مل الحياة من مرضه ، ومله أهله ، وكم من صحيح معافى مات ولا يملك
الأطباء إلا أن يقولوا : إنها (السكتة القلبية) ، وهي في الحقيقة انتهاء
الأجل !! .
ب - هذه العقيدة تجعل الشهادة في سبيل الله أسمى ما يطمح إليه المسلم ، لما
أخبرت به الآيات والأحاديث عن النعيم الذي يلقاه الشيهد في الجنة ، والحياة
الكريمة التي يحياها بعد الموت (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا
بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آياتهم الله من فضله ويستبشرون
بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون) [آل عمران
:169-170]، (يا أيهـا الذين آمنـوا هل أدلكم على تجـارة تنجيكم من عذاب
ألـيم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم
خير لكم إن كنتم تعلمون * يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها
الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم * وأخرى تحبونها نصر من
الله وفتح قريب وبشر المؤمنين) [الصف : 10-13] .
والجهاد هو حياة الأمة ، إن تركته ذلت ، والشهادة نعيم لا يعدله نعيم ، وقد
روى البخاري حديثا عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) :"جعل الله للشهداء
في الجنة مائة درجة ، ما بين الدرجة والدرجة كما بين السماء والأرض ، وإن
أوسطها الفردوس ، فاسألوا الله الفردوس" .
ويغفر للشهيد بأول قطرة تنزل من دمه ، كما ورد في الحديث :"ويغفر له جميع
ذنوبه ما عدا حقوق العباد" . وقد خص الله شهيد البحر بميزة أنه يغفر له حتى
حقوق العباد ، كما ورد في الأحاديث .
فأمة تملك هذه العقيدة لا تحرص على حياة الذل والهوان والمسكنة والإستسلام
وبالرضا بالأمر الواقع والخنوع للعدو الكافر .
ثانيا : تملك الأمة الطاقة التي تحرك الآلة في الأرض ، فإذا منعت هذه
الطاقـة عن العدو ركع بين يديهـا يطلب رحمتها .. وما أسخف أولئك الذين
يقولون: إن البـترول لا علاقة له بالسياسة ، حتى يستمروا في فجورهم
وانحلالهـم ، وحتى أصبح كثير منهم سبة في جبين الأمة ، يعطون عدوهم البترول
ليقتلهم به في الطائرات التي يقدمها ليهود ، وفي المدافع والدبابات
والسيارات والكهرباء وكل آلات الفتك . فهل رأيتم كيف يتصرف هؤلاء الناس في
ثروة الأمة ؟ في السلاح الفتاك الذي أعطاه الله لهم ؟ فوالله لو إتخذ أصحاب
البترول من الثوريين والرجعيين قرارا بوقفه مرة واحدة ولمدة وجيزة بحيث
ينفد المخزون عند الغرب ، ما بقيت دولة يهود بعد هذه المدة!! ولكنه الحرص
على الحياة ، وعلى المتع الرخيصة ، وعلى القصور والفجور ، مما عرف الناس
ولا يعرفون ، ومما سمعوا به ولا يسمعون ، وأمتهم تموت كل يوم ، وعدونا يقتل
أطفالنا ونساءنا ، ويعذب ثوارنا ، ويدمر بنياننا .. وصل الأمر بأنور
السادات أنه أعلن هو وزمرته أنهم سيعطون البترول ليهود بعد أن قطعت الثورة
الإيرانية في إيران الطاقة عن إسرائيـل . والعقيدة التي أشرنا إليها ، تحرم
بيع البترول للعـدو ، لأن هذا ولاء له وإعانة له على أمته .
ثالثا : تملك الأمة وسائل التحكم في النقد العالمي ، فلو كان حكامها على
مستوى المسؤولية لأسقطوا الدولار - العملة الرئيسية في العالم - بقرار يتخذ
ألا يقبل ثمن البترول بالدولار ، وأن يكون هناك دينار إسلامي يدفع به ثمن
البترول في آسيا وأفريقيا ، ويملك المسلمون معظمه .
ولكن الوهن يسيطر على الفئات المنتفعة ، فتتشبث بالحياة وتكره الموت . وفي
فترة من الفترات أعلنت السعودية أنها لا تريد أن تأخذ ثمن ربع بترولها
بالجنيه الإسترليني ، فسقط الجنيه في الأسواق العالمية خلال ساعات . فأضطر
وزير المالية البريطاني أن يهرع إلى الرياض ويقابل الملك فيصل ، ويطلب منه
إنقاذ بريطانيا بتصريح واحد يعلن فيه أن الجينه سيبقى ساري المفعول في دفع
ثمن ربع البترول . أما الآن فقد أفقدوا البترول قيمته ، وأخرجوه نهائيا من
المعركة خدمة للإستعمار .
رابعا : الأمـة تملك العـدد الوفـير ، فهي تملك أكثر من المليار من
المسلمـين ، منهم حوالي 200 مليونا من العرب . لكنها الكثرة التي عبر عنها
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في قوله :"تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى
الأكلة إلى قصعتها ، ولينزعن الله مهابتكم من قلوب عدوكم ، وليقذفن في
قلوبكم الوهن . قالوا : وما الوهـن يا رسول الله ؟. قال : حب الدنيا
وكراهيـة المـوت . قالوا : أمن قلة نحن يومئـذ يا رسول الله ؟!، قال : بل
أنتم كثـير ولكنكم غثـاء كغثـاء السيل" ، ولكن هذا الغثاء بدأ يرسب إلى
القاع ، وبدأ الجوهر يبرز على وجه الحياة في الأمة ، في هذا الشباب المؤمن
المتفتح القوي الذي بدأ يستهين بالموت وبدأت رياح الخير تهب ، وستعصف بكل
الفساد والفرقة والإنحلال والضعف والهوان والوهن ( ويقولون متى هو قل عسى
أن يكون قريبا ) [الإسراء : 51] .
خامسا : تملك الأمة الأرض الواسعة التي تمتد عبر ثلاث قارات ، ولكنها أرض
مجزأة ، فلو توحدت لأعطت عمقا إستراتيجيا يقصر العدو عن بلوغ مداه ، ففي
العمق الجنوبي الغربي تمتد فلسطين إلى المغرب الأقصى ، ومن فلسطين إلى
السودان ونجيريا ، وبقية دول أفريقيا المسلمة ، وفي العمق الشرقي يمتد إلى
بحر الصين وحدود جبال هملايا ، وتمتد في أوروبا إلى اسطنبول عاصمة الخلافة
(آخر دولة اسلامية) حيث المدينة فيها جزء أوروبي والآخر آسيوي .
هذه الأمة بإمكانياتها هذه ، هل يعجزها يهود ؟ وما يهود ؟ لولا أن حـدودهم
محميــة ، فوالله لو دخلنـاها عليهم بأيدينــا ما بقي منهم أحد . إننا
سنقتلهم .. بقدرهم جاءوا ، فظلموا وبطشوا حتى يبرر الله لنا قتلهم
(واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم) [البقرة : 191] .
الرد على فتوى شيخ الأزهر للسادات
بجواز الصلح مع يهود
-
استند شيخ الأزهر عبد الرحمن البيصار إلى الأشياء التالية :
أولا : الآية ( وإن جنحوا للسلم فأجنح لها ) [ الأنفال : 61 ] .
ثانيا : صلح الحديبية .
ثالثا : عرض النبي ( صلى الله عليه وسلم ) على الأنصار في أن يصالح قبيلة
غطفان على أن يعطيهم ثلث ثمار المدينة مقابل إنسحابهم من المعركة في غزوة
الأحزاب .
رابعا : أن السادات إمام واجب الطاعة .
ولما كان للإستناد إلى هذه الآيات والأحاديث ، وعمل الرسول والقاعدة
الفقهية ، هو تحريف للكلام عن موضعه ، وتضليل للمسلمين ، وكذب على الله
وعلى رسوله وعلى المؤمنين ، حيث يدخل عبد الرحمن البيصار شيخ الأزهر ومن
سار على دربه ، وعبد المنعم النمر وزير الأوقاف والأزهر في مصر ومن سار على
نهجه ، هؤلاء ينطبق عليهم قوله تعالى في وصف أحبار بني إسرائيل ( فويل
للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا
قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون ) [ البقرة : 191 ] .
وأنا لا أشك أن هؤلاء العلماء قد ضلوا ، وهم يتبعون هوى الحاكم ، فلو أعلن
السادات حرمة الصلح مع يهود لقدموا الأدلة على عدم جواز الصلح ، ولتمادوا
في إرضائه كما فعلوا عندما حاول تبرير ردته ، ولذلك هم خرجوا بهذا الإيمان
بنص الحديث :" لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به " ، والله يقول
( بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما * الذين يتخذون الكافرين أولياء من
دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا * وقد نزل عليكم في
الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى
يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في
جهنم جميعا ) [ النساء : 138 - 140 ] .
وهل هناك أعظم من الاستهزاء بآيات الله من أن يصبح يهود أعداء الله
والمؤمنين بنص القرآن ( لتجدن أشد الناس عدواة للذين آمنوا اليهود والذين
أشركوا ) [ المائدة : 82 ] أصدقاء وأحبابا لأنور السادات ، وشيخ الأزهر ،
إستهزاء بآيات الله وكفرا بها . ولقد حدثني صديق يقدم رسـالـة ماجستير في
القـاهرة ، وكانت الرسالة تتعلق بالدعوة الإسلامية أن أحد أعضاء المناقشة
للرسالة رفض أن يجيزها ، لأن فيها فصلا يتحدث عن جرائم بيغن ، وقتله
للأطفـال في ( دير ياسين ) ، فقال الأستاذ :" إن اليهود أصبحوا أصدقاء ،
وبيغن هو صديقنا ، فلا يجوز أن نهاجمه ، ويجب أن يحذف هذا الفصل من الرسالة
" ، ولكن الصديق أصر على بقائها ، ورفض الحذف ولو أدى ذلك إلى عدم نيل
الشهادة .
وهكذا يعمل علماء السوء في خدمة الحكام المنحرفين والمرتدين ليشتروا بعملهم
هذا ثمنا قليلا من منصب أو مال أو جاه ( تريدون عرض الدنيا والله يريد
الآخرة والله عزيز حكيم ) [ الأنفال : 67 ] .
ولنبدأ بمناقشة الأدلة التي إستند إليها شيخ الأزهر في فتـواه :
أولا : الآية ( وإن جنحوا للسلم فأجنح لها ) [ الأنفال : 61 ] : أخذ شيخ
الأزهر الآية مبتورة عما قبلها وعما بعدها فبترها بترا ، فهو كمن يستدل على
حرمة الصلاة بقوله تعالى ( فويل للمصلين ) [ الماعون : 4 ] تاركا تكملة
الآية التي تقول ( الذين هم عن صلاتهم ساهون ) [ الماعون : 5 ] . فالآية
تبدأ بقوله ( وأعدوا لهم ما أستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو
الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في
سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون ) [ الأنفال : 60 ] .
فالآية تأمر المسلمين بالإعداد المادي للمعركة ، وأن يعدوا ما يستطيعون
الوصول إليه من سلاح لإرهاب عدوهم وتخويفه ليحملوا الدعوة إليه فيعرضوا
عليه الإسلام أو الجزية أو الحرب ، فإن رفض الإسلام ورفض دفع الجزية ، كان
لا بد من القتال ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا
يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى
يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) [ التوبة : 29 ] . والرسول ( صلى الله
عليه وسلم ) يقول :" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله
وأن محمدا رسول الله " .. فإذا رفضوا وجب القتال ، فحينما ينتصر المسلمون
ويغلبون ، وهذا دأبهم حينما كانوا يحملون الدعوة ، فإذا طلب عدوهم منهم في
أثناء القتال أنه يريد أن يسلم أو أن يدفـع الجزية ، فلا يصـح القتـال في
هذه الحـالة .. ومن هنـا جاء قـول الله تعالى ( فإن جنحوا للسلم فأجنح لها
وتوكل على الله ) والدليل على صحة هذا القول يأتي أيضا من بقية الآية ( وإن
يريدوا أن يخدعوك - أي بطلب السلم - فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره
وبالمؤمنين ) [ الأنفال : 62 ] أي إن الله سيكفيك النتائج المترتبة على
خداعهـم ومكرهم . علما بأن بعض العلماء يقولون أن الآية منسوخة ( وأنا من
القائلين بعدم نسخها ) ، والذي حدث أن يهود لم يجنحوا للسلم ، ولا يقبـل
منهم أيضــا إن جنحوا للسلم مع طلبهم البقــاء في أرض فلسطين دولة ، ولا
يقبـل منهم هذا الجنـوح ، لأن فيـه إقـرارا للغاصب على اغتصابه وهو حرام لا
يجوز ، والمسلمون لم يخلقوا ليأكلوا ويشربوا ، وإنما خلقوا للجهاد ( وإذ
يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم ) [ الأنفال : 7 ] . . أي "النصر
والشهادة " ، والله يقول ( وأقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم
) [ البقرة : 191 ] ، والله يحذر من الضعف والإستسلام ، ويقول ( فلا تهنوا
وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم ) [ محمد :
35 ] .
وبعد هذا البيان لهذه الآية يتضح الضلال الذي وقع فيه شيخ الأزهر عبد
الرحمن البيصار ، وعبد المنعم النمر - وزير الأزهر والأوقاف - ومن سار على
دربهما ، وقد لحق بهما في ضلالهما في مصر المدعو ( جاد الحق ) وهو قد تمرد
على الحق في فتواه .
ثانيا : إستند شيخ الأزهر في فتواه إلى صلح الحديبية . وصلح الحديبية كمـا
ورد في السير : كان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قد خرج بأصحابه يريد
العمرة ، فأعترضتهم قريش حينما وصلوا إلى أطراف مكة في الموضع الذي يسمى
الحديبية ، ثم بدأت المفاوضات بين النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وبين مندوب
قريش سهيل بن عمرو ، وأنتهت المفاوضـات بعقد معاهدة لمـدة عشر سنوات وهي (
هدنة ) وليست ( صلحا ) على أن يرجع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في العام
القادم فيعتمر هو وأصحابه بعد أن تخلي لهم قريش عن مكة ثلاثة أيام .
والفرق بين ما عمل السادات في ( كامب ديفيد ) وفي صلحه مع يهود وبين صلح
الحديبية :
1 - صلح ( كامب ديفيد ) صلح دائم غير مؤقت بوقت ، وهذا الصلح لا يجوز مع
الكفار أصلا ، كما نص على ذلك الفقهاء ، وصلح الحديبية ( هدنة ) موقوتة
لمدة لمدة عشر سنوات .
2 - لم يتنازل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عن أرض للكفار ، إذ إن قريشا
كانت تملك مكة وهم أهلها ، أما السادات فقد تنازل عن أرض الإسلام في فلسطين
وتنازل عن السيادة في سيناء التي يحرم على جيش مصر أن يدخل أجزاء كبـيرة
منهـا ، كما أعـلن وزير دفاعهـم ( وايزمان ) حينمـا خاطب السـادات وقال لـه
:" لا تلجئني لأن آخذ سينـاء مرة ثالثة " ، وهو بالفعل يستطيع أخذها في
ساعة من الزمن ، لأنه بمقتضى المعاهدة الجيش المصري ممنوع من دخول الأجزاء
التي إنسحب منها يهود .
ثالثا : أستند المفتون في فتواهم إلى أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أراد
أن يصالح قبيلة غطفان على ثلث ثمار المدينة ، حتى تنسحب من معركة الخندق ،
وقد عرض النبي ( صلى الله عليه سلم ) الأمر على الأنصار فرفضه الأنصار ،
وقالوا بعزة المؤمنين :" كنا وإياهم في الجاهلية لا نعطيهم من ثمارنا شيئا
إلا قرى أو بثمنه ، فكيف نعطيهم وقد أعزنا الله بالإسلام " ، وكان هذا
الأمر إمتحانا من رسول الله صلى الله عليه وسلم لإيمانهم وقوة شكيمتهم
ودعما للروح المعنوية لأهل المدينة الذين كانوا في أشد حالات اليأس والضرر
، ومع ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعرض التنازل عن أرض المدينة
لغطفان ، وإنما عرض أن يتنازل عن ثلث ثمار المدينة لفترة محدودة .
رابعا : أ - استند المفتـون في فتـواهم إلى أن السـادات " إمام واجـب
الطاعـة " ، وهذا يصل الأمر في الفتوى إلى الهزال والتضليل الذي ليس ما
بعده هزال وتضليل . فالإمام الواجب الطاعة هو إمام المؤمنين الذي اختاره
المسلمون ليحكم بينهم بما أنزل الله ، وليطبق عليهم شريعة الله .. والأصل
أن يكون إمام المسلمين واحدا . ولذلك يقول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم
) :" إذا بويع لإمامين فأقتلوا اللآخر منهما " . وفي سقيفة بني ساعدة حينما
انتخب المهاجرون والأنصار - رضي الله عنهم - أبا بكر - رضي الله عنه - ،
عرض الأنصار في أثنـاء النقـاش :"منا أمـير ومنكم أمـير" . فقال :"لا يجتمع
سيفان في غمد واحد" . والسادات لم تأت به الأمة ، وإنما جاء بإنقلاب دبر
بليل صنعته أيدي أمريكا من أجل هذا اليوم الذي تعشه من الصلح مع يهود ، إذ
أن هذا الإنقلاب كانت مهمته أن يقضي على الحركة الإسلامية التي تعادي يهود
عقيدة ، حتى تستمر دولة يهود ويمشي صلحه معهم .
ب - السادات لا يحكم بما أنزل الله ، فقوانينه تبيح الربا وتبيح الزنا
وتبيح الخمر وتبيح الميسر ، وتأكل أموال الناس بالباطل ، ولا تقيم الحدود ،
ولا تحكم بالقصاص . ومن كان هذا شأنه فطاعته غير واجبة .
ج - السادات ألغى الجهاد في معاهدته . والجهاد فرض من فرائض الإسلام ، وهو
ذروة سنام هذا الدين ، وهو ماض - لا يتوقف - إلى يوم القيامة ، والرسول صلى
الله عليه وسلم يقول :"الجهاد ماض إلى يوم القيامة لا يبطله عدل عادل ولا
جور جائر" . ومن ألغى فريضة الجهاد ، فقد ألغى الدعوة الإسلامية ، ومن
أنكرها فقد كفر ، كالقاديانية التي منعت حرب الإنجليز من قبل ، وجاء
السادات ليمنع حرب يهود . ويظن السادات لإلغائه فريضة الجهاد أنه وصي على
هذه الأمة ، ولكن لم يعلم أنه سيذهب ويبقى الجهاد . فهل تجب طاعة الحاكم
الذي يلغي الجهاد - يا شيخ الأزهر - وأنت قد تعلمت في أبسط قواعد أصول
الفقه أن لا اجتهاد في مورد النص ! .
إن إلغاء الجهاد يعني أن يعيش شباب الأمة في تفسخ جسمي وروحي ، وأن تنهار
روح المقاومة فيها ، وأن تفقد روح التحدي وأن تصبح أرقاما متكررة ، وأصفارا
متتابعة ، تعيش في الدنيا بإنحطاط ، يستولي عليها عدوها ، ويغرقها في
الملذات ليقضي عليها بعد ذلك قضاء مبرما ، وهي خير أمة أخرجت للناس .
سـيتدارك الله الأمة برحمتـه وستتخلص من أمراضهـا وأعدائها وزعانف الحكام
فيهـا ، وأقزام الساسة لديها ، وستذهب أحزاب الكفر وشعارات الضلال ، وصدق
الله (إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم
تكون عليهم حسرة ثم يغلبون) [الأنفال : 36] ، (والله غالب على أمره ولكن
أكثر الناس لا يعلمون) [يوسف : 21] .